Thursday, April 2, 2020

إبتزّ حسان دياب وخُذ ما تريد!

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

أرسى رئيس مجلس النواب نبيه بري قاعدة تعاملٍ جديدة مع رئيس الحكومة تقول “إن لم تأخذ ما تريد من مجلسِ الوزراء ما عليك سوى إبتزاز رئيسه وتهديده والرئيس إنما سيخضع في الأخير وتأخذ ما تريد!”.

لكن، هل يؤدي اللعب على حافةِ الهاوية الى انتقال دفةِ التهديدِ من ضفةٍ إلى أخرى، وهل يصبح حينها حسان دياب هو من يهدّد بالاعتكافِ ويلوح بالاستقالة؟

نظريًا، هناك شيء من الصعوبة، لأن حسان دياب أساسًا حضرَ إلى موقع رئاسة الحكومة وهو يعلم جيدًا حجم التحدّي وحجم من سيتحدّاهم ويدرك دقة وصعوبة المهمة، واصلًا حين سُئِلَ في مستهلّ تشكيل الحكومة عن هذا الأمر أجاب بأنّ “نفسه طويل، وسيتصرَّف بروحيّةِ الاستاذ الاكاديمي لا الرجل السياسي”. وعليه قَبِلَ التحدي ودخلَ المضمار أما مستوى قدرته على التحمّل فهذا يُحال نقاشٌ آخر.

مع ذلك، دخلَ حسان دياب باكرًا في “حوصة” مع رئيس المجلس. هناك من يقول أنّ بري نجحَ في استدراجهِ إلى حيث يريد وهذا مفهومٌ بالارتكاز إلى قلّةِ عناصر الخبرة السياسية لدى دياب، وآخر يظن أن رئيس الحكومة ما كان بيده حيلة لعلمهِ بوزن بري السياسي وما كان لديه من خياراتٍ سوى الرجوع إليه، وسواء كان هذا واقعيًا أم لا، نجح بري في تأسيسِ قاعدة تعامل مختلفة، ذلك أنه وحين ضرب بمطرقةٍ حديديةٍ على طاولة دياب في مسعى منه إلى سحبِ تنازلاتٍ في ملف عودة المغتربين وإستطرادًا التعيينات المالية رضخَ الأخير إليه نزولًا عند رغبة “سُعاة الخير”، ما أظهر مكامن ضعفٍ عديدة.

من الواضح، أنّ حزب الله رجوعًا عند ما صرَّحَ به نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم يبدو غير راضٍ عن سياسةِ “الابتزاز” التي يتعرَّض لها رئيس الحكومة لعلمه أنها أفضل من الممكن بكثير وأنّ رئيسها هو “صاحبُ مشروعٍ” بخلافِ البقية، وكما أنّ هناك قوى “أزعجتها الحكومة فوتّرت المراهنين على إسقاطها” يظهر انزعاجه من المراهنين على إسقاطها، وهذا كفيلٌ بتحريكِ أكثر من مسلةٍ تحت أبط الحلفاءِ.

رئيس تيار المردة سليمان فرنجية متهمٌ من قبل عامة المتابعين أنه فردٌ من المراهنين على إسقاطِ الحكومة، ذلك أنّه يتماهى مع “الحلفِ” الناشئ على بركةِ استهدافها. يظن هذا النادي أنه وبالاستناد إلى “فقر دياب السياسي” لناحية الحصانة النيابية أو المذهبية يستطيع الاستفراد به أو أن يفرضَ الشروط عليه التي تتكيف وأهداف “الدولة العميقة”، مستبعدًا أن يكون في لعبتهِ ما يُحركش في صاعق قنبلة!

ثم أنّ آخرين يبدون إعتقادًا أن فرنجية لا يخوض معركته بل معركة غيره، وهو في الحقيقةِ يستهدف باسيل “ظاهريًا” في هجماتهِ الاعلامية على الحكومة لكنه في العمق يوجّه البوصلة إلى دياب إلتزامًا منه بتحالفهِ العميق مع الرئيس بري والفرقة غير الراغبة بالحكومة، وبين الاستهداف تتخفى تفاصيل أخرى أبعد من مسائل كالتعيينات أو غيرها.

لكن فرنجية لاعبٌ جيدٌ ويعرف من أين تُؤكَل الكتف. وجد أنّ الظرفَ مؤاتٍ لتعزيز حضوره ضمن الادارة فقال “لما لا، دعنا نجرب”. استعارَ درعًا من حليفٍ ومضى يقاتل في الصفوف الأمامية طلبًا الحق في تعيينٍ هو يعلم جيدًا أنّ حضوره السياسي لا يخولّه ذلك، لكنه إرتكزَ على دعمٍ خلفيٍّ يأتيه من ضمن قائمة الأثمان السياسية المرجوة من وراء هذا التحالف، وفي السياسة هذا حقه طبعًا.

طلب فرنجية بحصَّتَيْن في التعيينات المالية والمصرفية من ضمن قائمةٍ تلحظ 6 مراكز مسيحية لا غير، علمًا أنه إنطلَقَ أولًا من حصة واحدةٍ أتت من نصيب التمثيل الارثوذكسي وكان قد أبلغ قائمة الاسماء إلى دياب سابقًا، ورفع الشروط إنما فُهِمَ على أنّه باب من أبواب ضخ الإمكانات في الجسدِ التحالفي الجديد.

اصلًا، فرنجية يعلم أنّ حدود ما يمكن نيله في التعيينات لن يتجاوز بأفضل الظروفِ الحصة الواحدة، مع العلم أنّ هذه الحصة كانت محفوظة له بشهادة حلفائه طبعًا، فلماذا ثارَ إلى هذه الدرجة وما الغاية الحقيقية التي تستوطنها الدعوة إلى “نفخ” حصته؟ لذلك لا يمكن وضع “فورته” إلّا في مسار الحرب الدائرة على حسان دياب.

طبعًا، فرنجية نجحَ باستدراج تعاطفِ حزب الله الذي عادَ للعبِ دور المُنقِذ لحلفائه ولو أنّه في مجالسهِ الداخلية “يلعن الساعة”. عَمِلَ على تأمين حصة فرنجية، والمعلومات تشير إلى نجاحهِ بذلك على أساسِ سقفِ الحصة الواحدة التي إبتدأ بها “البيك”، أي أنّ ما جناه فرنجية هو موقعٌ مسيحيٌّ واحدٌ وقع ضمن الحصة الارثوذكسية. وهنا يُسجَّل نجاحه فقط في المكان نفسه الذي نجحَ به من قبله الرئيس بري، أي ابتزاز رئيس الحكومة!

قد يكون مستغربًا إلتزام موقع تيار المستقبل وحده الاستحصال على تصريحاتِ “التهديد” بالاستقالة وهذه مفارقة، سواء من بري أو فرنجية ولاحقًا الحريري البحث عن وضع قدمٍ في “بوسطة الاستقالات” لكنه لم يجد سوى مجلس النواب ليحقق غرضه، لكن المُستغرَب أكثر يبقى صمت الذين يسمّون أنفسهم بـ “مستقلين – تكنوقراط” داخل الحكومة عن هجماتٍ كانت تأتي ممن ظهر أنهم “آباؤهم” الأصليون، ولو لم يكونوا كذلك لكان من يرتدي “ربطة عنقٍ” على طاولةِ المجلس خرج بتصريحٍ يتبرّأ من تهمة الانتماء إلى هذا وذاك، كما فعلَ الوزير عماد حب الله!



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2R7Ztxp
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل