مع بداية العدّ العكسي لموعد الإنتخابات النيابية التي ستُجرى، الأحد المقبل، حطَّ رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، أمس السبت، في برجا – إقليم الخروب، في زيارةٍ تحملُ دلالاتٍ كثيرة. فبرجا، التي لم يرشِّح جنبلاط أحداً منها ضمن لائحة “المصالحة” التي يرأسها نجله تيمور، كانت تمثل عقدة أساسية بالنسبة لـ”تيار المستقبل” و الحزب “التقدمي الإشتراكي”، الأمرِ الذي دفع بجنبلاط، وقبله رئيس الحكومة سعد الحريري، إلى زيارتها واسترضاء أهلها، أقله “إنتخابياً” و “سياسياً”.
في شكل الزيارة، فإنَّ المشهد كان عادياً ومألوفاً، إذ حضرها ما يقارب الـ1500 شخص، أكثرهم من الإقليم والشوف. أمَّا في المضمون، فإنَّ جنبلاط أطلق مواقفه بإتجاه تيار “المستقبل”، الذي شهدت العلاقة معه، خلال الأسبوعين الأخيرين توتراً كبيراً، مؤكداً أنه “حليف ثابت وأساسي”. هذا الموقف، وتحديداً من برجا كان متوقعاً لشدِّ العصب الإنتخابي للائحة، وهو ثمرة المساعي التي استطاعت تصحيح مسار العلاقة بين الطرفين.
وفي السياق، تؤكد مصادر قيادية في “الإشتراكي” لـ” لبنان 24″ أنّه “وبعد مقاطعة الحزب لزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى برجا، الأسبوع الماضي، وإحتواءً للتوتر الذي شهدته العلاقة، تكثفت الإتصالات مع “المستقبل” لتمكين التحالف الإنتخابي وتثبيته، الأمر الذي انعكس بشكل واضح في الزيارات المشتركة الأخيرة، التي قام بها الطرفان خلال الأيام القليلة الماضية”.
في خطابه أمس، توقف جنبلاط عند مسألة استبعاد برجا عن لائحة “المصالحة”، وأكَّد أن “الأسباب وراء ذلك هي سياسية، والوقت الآن ليس للمناكفات”. وهنا، غمزَ جنبلاط باتجاه حليفه “المستقبل”، الذي طالبه “الإشتراكي” بطرح مرشح من برجا ضمن “المصالحة”، إلاَّ أنه تمسَّك بترشيح النائب محمد الحجار. وبحسب مصادر “الإشتراكي”، فإنَّ “على “المستقبل” مسؤولية في إستبعاد برجا عن اللائحة، ولكن هذا الأمر أصبح وراءنا، وعلينا الإستفادة اليوم من تحالفنا لضمان أكبر عددٍ ممكن من المقاعد في الندوة البرلمانية”.
ومع أنَّ آثار أزمة تمثيل برجا ستبقى ظاهرة حتى موعد الإنتخابات، إلاَّ أنَّ جنبلاط أحدث بلبلةً من خلال خطوته الأخيرة تجاه “الجماعة الإسلامية”، التي اتخذت قيادتها موقفاً نهائياً بدعم الحزب “التقدمي الإشتراكي”، والتصويت لمرشحه عن المقعد السني في الشوف بلال عبد الله. خلال السنوات الماضية، كانت “الجماعة” حليفاً أساسياً لتيار “المستقبل”. ومع الإستحقاق النيابي الحالي، برزت الخلافات بين الطرفين، وانعكس ذلك في إستبعاد “المستقبل” للجماعة عن لوائحه.
في إقليم الخروب، تحظى “الجماعة” بكتلة إنتخابية لا بأس بها، إذ تصل إلى حدِّ الـ5000 صوت في مختلف بلدات الإقليم الكبرى، وفي برجا يصل عددُ المحسوبين عليها إلى 1500 صوت. ولذلك، استغلّ جنبلاط هذا الخلاف، وأحاط بـ “الجماعة”، واعتبر أنَّه يستطيع من خلال هذه الخطوة كسب كتلة إنتخابية من الشارع السني لصالح مرشحه بلال عبد الله، الذي يتخوف من عدم حصوله على أصوات، وتحديداً في برجا.
أراد جنبلاط من خلال مبادرته تجاه الجماعة، كسب الأصوات لعبد الله في الإقليم عموماً وبرجا خصوصاً. وبحسب مصادر متابعة، فإنَّ “جنبلاط قال في إحدى لقاءاته الأخيرة أن رهانه للإستفادة من الجماعة الإسلامية كبير، الأمر الذي يرفع حظوظ الفوز لمرشحه بلال عبد الله”. كذلك، فإنَّ زيارة الحريري إلى برجا دفعت بجنبلاط نحو هذه الخطوة، التي تأتي بمثابة ردٍّ على ما قام به الحريري من خطوات في الفترة الأخيرة، تعارضت مع توجه الإشتراكي، لا سيما زيارته للوزير طلال ارسلان في حاصبيا، والتنسيق معه”.
على صعيد “الجماعة”، برزت أصواتٌ معترضة لقرار المكتب العام بتأييد لائحة “الإشتراكي”. واليوم، تشهد “الجماعة الإسلامية” أزمة حقيقية على هذا الصعيد، إذ تؤكد مصادر ها السياسية أنّ “القرار لم يكن نابعاً من رأي القاعدة الشعبية، ولم يتخذ بالتشاور مع الكوادر الحزبية، باعتبار أنَّ الشورى أصبحت غير ملزمة لدى الجماعة الإسلامية، خلافاً للمتعارف عليه”. تشير المصادر إلى أنَّ “هناك قسما كبيرا من المحسوبين على الجماعة في برجا من رافضي القرار، وقد يذهبون للتصويت لمرشحين آخرين”.
أصداءُ هذه الموجة الإعتراضية، حضرت في الإجتماعات التي عقدت بين “الإشتراكي” و “الجماعة” بحسب معلومات “لبنان 24″، وأكدت كوادر حزبية تابعة للجماعة لحليفها “الإشتراكي” أنَّ “المعترضين على القرار هم قلَّة، وبالتالي فإنَّ تأثيرهم بسيط على مسار الإتفاق، والإلتزام في التصويت للمرشح بلال عبد الله قائم ومستمر”.
ومع أنَّ الإتفاق أصبح واقعاً بين الطرفين، إلاَّ أن الأنظار تتجه إلى التحالف الإنتخابي الذي يجمع “الجماعة” مع التيار “الوطني الحر”. وفي هذا الصدد، تشير مصادر مقربة من الأخير إلى أنَّ “ابتعاد الجماعة عن لائحة “ضمانة الجبل” الذي يتمثل فيها التيار، يعتبر خرقاً للتحالف، وسيعاد النظر به بعد الإنتخابات”.
إذاً، فإنّ خطوة جنبلاط في مسايسة “المستقبل” وإسترضاء “الجماعة الإسلامية”، ساهمت إلى حد بعيد في رفع أسهم الفوز لمرشحي “الإشتراكي”، بعدما أصبح المزاج الشعبي والحزبي للأطراف كافة ضمن لائحة “المصالحة” جاهزاً لخوض الإستحقاق الإنتخابي بثقلٍ كبير، الأمر الذي يزيد من فرص إرتفاع الحاصل الإنتخابي للائحة، على حساب اللوائح الأخرى.
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2r8EtZI
via IFTTT
0 comments: