Tuesday, July 20, 2021

لقاء الأخوَيْن الخليجيّين… تنفيس الاحتقان في مرمى الزعامة الخليجية



كتب هادي بو شعيا:



ينطوي اللقاء الذي جمع أمس ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد بولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان في العاصمة السعودية الرياض على أبعاد سياسية واقتصادية واستراتيجية، حيث بحث الطرفان تعزيز العلاقات الأخوية الراسخة والتعاون الاستراتيجي، مع التأكيد على أهمية الشراكة الثنائية المستمرة والقوية لِما فيه خير البلدين والمنطقة، ذلك أنّ البصمات السعودية والإماراتية كانت وما زالت مضيئة في مسيرة دعم التعاون الخليجي، إيماناً منهما بأهمية اللُّحمة الخليجية وتطوير العمل المشترك.

وتأتي الزيارة في وقت يواصل فيه البلدان لعب دور محوري في الحفاظ على التماسك داخل منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بعد طَيّ صفحة الخلاف مع قطر بموجب اتفاق العلا الذي توصّلت إليه القمة الخليجية الأخيرة في السعودية.

فيما تعزّز هذه الزيارة دور البلدين التاريخي في تعزيز التضامن الخليجي، والحفاظ على تماسك مجلس التعاون منذ أول قمة خليجية عُقدت، يومي 25 و26 أيار/مايو من العام 1981 في أبو ظبي، بدعوة من مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث تمّ الاتفاق حينها بين قادة الدول الست على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، وصولاً إلى القمة الخليجية الـ41 الأخيرة في محافظة العلا شمال غرب السعودية في 5 كانون الثاني/يناير المنصرم.



أوجه الخلاف

يُعتبر هذا اللقاء بين بن سلمان وبن زايد، الأول من نوعه منذ نشوب الخلاف النفطي بين الإمارات والسعودية ضمن مجموعة “أوبك+”، لا سيما بعد خروج التوتر إلى السطح بتصريحات من المملكة تنتقد موقف أبو ظبي بشأن مستوى إنتاج النفط في إطار “أوبك+”، حيث ردّت الرياض وقتها باستبعاد أي بضاعة إسرائيلية أو غيرها تصنع في المناطق الحرة بدول الخليج، ما يشكل استهدافاً خاصاً لميناء جبل علي الإماراتي.

قبل أن تتوصّل دول تحالف “أوبك+” أمس الأول إلى اتفاق جديد بشأن زيادة تقليص تخفيضات إنتاج النفط، بعد تسوية الخلاف الذي تصاعد بين الرياض وأبو ظبي، والذي يقضي بتمديد القرارات الخاصة بشأن الحدّ من إنتاج النفط حتى أواخر 2022.

وينص الاتفاق على زيادة مستوى الإنتاج المشترك بـ400 ألف برميل يومياً كل شهر اعتباراً من آب/أغسطس المقبل، حتى انقضاء تخفيضات الإنتاج البالغة 5.8 ملايين برميل يومياً، فضلاً عن تمديد إتفاق إدارة خط الأساس حتى نهاية 2022. الأمر الذي انعكس زيادة في حصة الإمارات إلى 3.5 ملايين برميل يومياً، بالإضافة إلى الاتفاق على زيادة خط الأساس في العراق والكويت بمقدار 150 ألف برميل يومياً لكل منهما، ناهيك عن تعديل خط الإنتاج السعودي والروسي برفعه إلى 11.5 مليون برميل في اليوم ابتداء من أيار/مايو 2022 بدلاً من 11 مليون برميل.



الزعامة الخليجية… صراع خفي!

من جهة أخرى، يلوح صراع خفي بين السعودية والإمارات على الزعامةالخليجية، كما على مصالح اقتصادية واستثمارية كبرى، حيث قررت الرياض في شباط/فبراير الماضي إيقاف منح العقود الحكومية لأيّشركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في منطقة الشرق الأوسط في أي دولة أخرى غير المملكة، ابتداء من مطلع 2024.

في حين تسعى الإمارات إلى أن تكون منافساً إقليمياً للدول الأخرى، مثل السعودية وإيران وغيرهما، بدلاً من الاكتفاء بلعب دور الشريك مع المملكة سياسياً أو اقتصادياً.



الخلاف إلى أين؟!

أزاح خلاف البلدين حول زيادة إنتاج النفط الستار عن ملفات صدام قديمة بينهما تتمحور حول تنافس اقتصادي آخذ في التزايد بين أكبر اقتصادين عربيين، والذي يبدو أنه سيسْتَعِر. الأمر الذي يدفع للتساؤل عن الحدّ الذي قد تصل إليه هذه الخلافات، فهل تتعمّق أكثر لتشمل ملفات سياسية، أم تبقى كما هي مجرد خلاف محدود في ملفات اقتصادية؟!

مما لا شك فيه أنّ هناك تراكمات في العلاقات السعودية-الإماراتية منذ حوالى عامين، وبدأت تطفو على السطح في المرحلة الأخيرة، في ظل احتدام التنافس الاقتصادي وتناقض الخيارات الاستراتيجية؛ إلّا أنّالخلاف سيبقى مضبوطاً مع استمرار التنافس في المدى المنظور، ولعلّ التحدي الذي تواجهه الدولتان يتجلّى في إدارة الخلاف بينهما، ويتطلّب إعادة بناء الثقة بين قيادة البلدين.

ولكن قد يقول قائل ما تأثير هذا الخلاف على صلابة تحالف السعودية والإمارات؟!

في الواقع يعتري التحالف بين البلدين تصدّعات؛ نتيجة ما جرى في اليمن، وصولاً إلى المصالحة السعودية-القطرية ومروراً بالتطبيع الإماراتي-الإسرائيلي، ما يعكس تناقض مصالحهما الاستراتيجية.

في المحصّلة، يبدو أنّ الاتجاه في المرحلة المقبلة سينصَبّ على تبنّي سياسة منفصلة في القضايا الرئيسية، مع الإبقاء على التواصل أو التحالف بين الطرفين. كما أنّ الخلافات الثنائية لن تتجاوز الخطوط الحمر، وستبقى مضبوطة الإيقاع، إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ صلابة هذا التحالف لم تهتزّ.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع.

The post لقاء الأخوَيْن الخليجيّين… تنفيس الاحتقان في مرمى الزعامة الخليجية appeared first on وكالة نيوز.



from وكالة نيوز https://ift.tt/3itBd5D
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل