

د. شريف نورالدين
* مقدمة:
– زمن ما يسمى “النظام العالمي الجديد”، يرفع فيه شعار الحريات ، ويتغنى بحقوق اﻹنسان ، وراية اﻷمن والسﻻم.
لكن ما نشهده اليوم من حروب وأزمات طالت العالم أجمع ، تركت خلفها المصائب والويﻻت على المجتمعات، لزاما” علينا السؤال عن الديمقراطية وكينونتها ، هل هي حقيقة أم وهم؟
وبعد البحث والتدقيق ، تبين أن دينونتها ، العلمانية التي تعني التفكير في النسبى وليس بما هو مطلق، أما العقد الاجتماعى الذي أرسى مفهوم التوافق بين البشر على العيش في مجتمع دون سلطة الدين، أما بالنسبة الى التنوير والذي يعنى أن ﻻ سلطان على العقل ، ثم الليبرالية والتي تعني أن الفرد فوق سلطة المجتمع.
بإختصار! أن الليبرالية هي أعلى مراحل العلمانية، والمعنى. ﻻ ليبرالية بلا علمانية.
طبعا” في الحديث عن الديمقراطية، ﻻ بد أن نتناول رأسها وعرابها الولايات المتحدة الأمريكية والتي إستطاعت أن تفرض إطاراً واحداً للسياسة الدولية عبر برامجها المختلفة، وإشغال العالم بالكثير من الأوهام وافتعال الحروب في أكثر من منطقة، وصناعة الأعداء ، وفتح جبهات متكررة في المناطق اﻷمنة، حتى لا تفكر أي دولة بالمنافسة على قيادة العالم.
ولعل أبرز ما تجيده السياسة الأمريكية من أجل زيادة تماسكها وزرع جذورها في العالم، هو افتعال قضايا الإرهاب والحروب الداخلية، والخارجية تارة بالمباشر وأخرى بالوكالة وفبركة اﻹشكاليات بين الدول، وبعدهاَ تحشد الجهود الدولية للتدخل بطرق ووسائلَ مختلفة، لتبقى رأس الحربة في الصراع الﻹقليمي والدولي.
* أميركا وحروبها:
– بداية كانت من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وانتخاب جورج واشنطن أول رئيس لها في عام 1789م، وبالعودة إلى حال أمريكا وقتها حيث كانت آهلة بسكانها الأصليين من الهنود الحمر، حتى بدأت قوافل الأوروبيين من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا تتوجه إلى أمريكا، وكان الهنود الحمر من السكان الأصليين الذين ينظرون للسكان الجدد بعين الريبة، ولذلك كان لا بد في نهاية الأمر من شن حرب على السكان الأصليين وإبادتهم وإقتﻻعهم من جذورهم، وتأسيس الدولة الجديدة من السكان الوافدين.
– 1833م قامت القوات الأمريكية بغزو نيكاراغوا.
– 1835م دخلت القوات الأمريكية إلى البيرو.
– 1846م احتلت القوات الأمريكية ارضا مكسيكية وضمتها لها، وهي ما تعرف اليوم بولاية تكساس.
– 1848م قامت القوات الأمريكية باحتلال أرض مكسيكية أخرى وضمتها إليها، وهي التي تُعرَف الآن بولاية كاليفورنيا ونيومكسيكو.
– 1854م دمرت الولايات المتحدة ميناء “غراي تاون” في نيكاراغوا انتقاماً منها لعدم قبول حكومتها دخول عميل أمريكي إلى أراضيها.
– 1855م غزت القوات الأمريكية أورغواي ثم غزت قناة بنما.
– 1857م تدخلت في نيكاراغوا ثانية لإفشال محاولة عدو أمريكا وليم روكر تولي السلطة.
– 1873م قامت القوات الأمريكية بغزو كولومبيا، ثم قامت بعمليات ضدها على مدى الأعوام 1885 – 1891 – 1892 – 1893 – 1898 – 1899م.
– 1888م تدخلت أمريكا في هايتي.
– 1891م تدخلت أمريكا في تشيلي.
– 1894م تدخلت أمريكا مرة أخرى في نيكاراغوا.
– 1898م حاصرت كوبا وحاصرت قواتها في البحر وأخذت عنوة خليج غوانتانامو.
– 1901 – 1902م تدخلت أمريكا ثانية في كولومبيا.
– 1902م تدخلت أمريكا في هندوراس.
– 1907م استولت أمريكا على ست مدن في هندوراس.
– 1914م قامت قوات المارينز بالدخول إلى هاييتي في عملية إنزال جوي وسرقوا البنك المركزي فيها بحجة استرداد ديونها.
– 1915م احتلت كلَّ هاييتي، وبقيت فيها إلى عام 1934م.
– 1916م تدخلت القوات الأمريكية في الدومينكان ضد الثوار على السلطة وفرضت عليهم حكومة عسكرية عميلة لها حتى عام 1924م.
– 1922م تدخلت القوات الأمريكية في السلفادور.
– 1950م تورطت أمريكا في الحرب الكورية.
– 1952م تدخلت في إيران وقامت المخابرات الأمريكية بالقضاء على حكومة محمد مصدق الوطنية وإعادة شاه إيران.
– 1954م أطاحت أمريكا بحكومة غواتيمالا بالقوة.
– 1961م غزت القوات الأمريكية خليج الخنازير في كوبا.
– 1962م فرض الرئيس الأمريكي كندي حصاراً بحرياً وجوياً على كوبا لإجبار السوفييت على إبعاد صواريخهم الذرية عن الجزيرة.
– 1965م زجت عقيدة الحرب المتأصلة في عقول وقلوب صناع السياسة الأمريكية ، بجيش الولايات المتحدة الأمريكية في حرب فيتنام التي مارس فيها الجيش الأمريكي الجرائم ليس ضد الإنسانية وحدها وإنما ضد النبات والحيوان عندما انهمرت السموم الأمريكية من الطائرات الأمريكية لتهلك الحرث والزرع والحيوان فوق كل الأرض الفيتنامية وتنتهي الحرب في عام 1975م رغم كل أسلحة أمريكا وجيشها بهزيمة تاريخية لهم.
– 1967م ساعدت المخابرات الأمريكية جيش بوليفيا ضد جيفارا وتمكنت من اغتياله.
– 1970م غزت كمبوديا واعتدت على “ممثل شرعيتها” الأمير سيهانوك الشخص المحايد “في حرب فيتنام” وأسقطته وسلمت الحكم لحكومة ضعيفة موالية لها.
– 11/9/1973م زعزعت الاستقرار في تشيلي واغتالت رئيسها سلفادور الليندي المعارض لأمريكا، وأقامت حكومة ديكتاتورية عسكرية فيها.
– 1980م تولى ريغان السلطة وطرح مشروع حرب النجوم، وأمد الكيان الصهيوني بمساعدات مالية طائلة وبنى له قوة عسكرية في المنطقة.
– 1981م نشرت أمريكا صواريخها في كل أوروبا.
– 1989م غزت أمريكا “بنما” في شهر آب.
– أما حروب أمريكا في الشرق اﻷوسط، فلا يوجد أي متابع إلا وهو يعرفها، بداية بحرب لبنان، ومشاركة حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور” في دك بيروت بالصواريخ، وقبل ذلك دعم الكيان اﻹسرائيلي ، واﻹعتراف بدولته وشرعنة إحتﻻله على فلسطين وشعبه ، مروراً بدور أمريكا في حرب إيران والعراق، وصولاً إلى غزو العراق وأفغانستان والصومال، وصناعة وافتعال الإرهاب في سوريا والمنطقة .
– إذن فالولايات المتحدة الأمريكية، لا ترغب أي شيء غير الحروب، لذلك هي في حرب دائمة لأن الحروب تدر عليها كميات هائلة من الأموال، وزيادة النفوذ والسيطرة، والهيمنة على الثروات، ونفط المنطقة ، واﻹقتصاد وسوق المال العالمي من خﻻل إتفاقية “البترودوﻻر”…
وهناك عدداً كبيراً من الأدلة، وتاريخاً معمداً بالحروب، يثبت فيها أن الحرب عقيدة ثابتة في السياسة الأمريكية.
* مطبخ سياسات أميركا:
1- (فوكوياما):
– من رواده يوشيهيرو فرانسيس فوكوياما (إنجليزية : Yoshihiro Francis Fukuyama) (ولد 27 أكتوبر 1952) هو عالم وفيلسوف واقتصادي سياسي، مؤلف، وأستاذ جامعي أميركي. اشتهر بكتابه نهاية التاريخ والإنسان الأخير الصادر عام 1992،ارتبط اسم فوكوياما بالمحافظين الجدد.
– تعد أطروحة نهاية التاريخ والإنسان الأخير التي نشرها في مجلة ناشيونال إنترست عام 1989 قبل أن يتوسع فيها ويؤلف الكتاب، من أشهر أطروحات فوكوياما والتي جادل فيها بأن تطور التاريخ البشري كصراع بين الأيديولوجيات إنتهى إلى حد كبير، مع إستقرار العالم على الديمقراطية الليبرالية بعد الحرب الباردة وسقوط جدار برلين عام 1989، وتوقع فوكوياما انتصار الليبرالية السياسية والاقتصادية والسوق الحرة في نهاية المطاف، فوكوياما يقصد نهاية التاريخ كاتجاه وليس كأحداث، الديمقراطية الليبرالية هي تتويج التطور الأيديولوجي للإنسان، وعدم وجود بديل غير بربري وخطير يعني أن الحجج الآيديولوجية للآخرين لا ترقى لمقارعة الديمقراطية الليبرالية.مثل هيغل وماركس، لا يعتقد فوكوياما أن تطور المجتمعات البشرية بلا نهاية، لكنه يكتمل عندما تجد البشرية التنظيم الاجتماعي الذي يشبع احتياجاتها الطبيعية والأساسية.
« ما نشهده ليس مجرد نهاية الحرب الباردة، أو مرور فترة معينة من تاريخ ما بعد الحرب، ولكنها نهاية التاريخ على هذا النحو … هذه نقطة النهاية للتطور الأيديولوجي للبشرية وبداية عولمة الديمقراطية الليبرالية كشكل النهائي للحكومة الإنسانية».
– اعتقد فوكوياما أن نهاية الاتحاد السوفياتي السابق عبّدت طريق العالم أمام ما يوصف بـ”الديمقراطية الليبرالية”. وكان فوكوياما أحد رواد ما يسمى “فكر المحافظين الجدد” الذي قاد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش إلى غزو العراق عام 2003.
2- (هنري كيسنجر):
ولد هينز ألفريد كيسنجر عام (27 مايو 1923)،هو سياسي أمريكي، ودبلوماسي، وخبير استشاري جيوسياسي، شغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة ومستشار الأمن القومي الأمريكي في ظل حكومة الرؤساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد. هو لاجئ يهودي هرب مع عائلته من ألمانيا النازية عام 1938، أصبح مستشار الأمن القومي في عام 1969 ووزير الخارجية الأمريكي في عام 1973. بسبب إجراءاته في التفاوض لوقف إطلاق النار في فيتنام، حصل كيسنجر على جائزة نوبل للسلام عام 1973 في ظل ظروف مثيرة للجدل، حيث استقال عضوان من اللجنة احتجاجًا على ذلك، سعى كيسنجر لاحقًا، دون جدوى، إلى إعادة الجائزة بعد فشل وقف إطلاق النار.
– مارس الواقعية السياسية،حيث لعب كيسنجر دورًا بارزًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بين عامي 1969 و 1977. خلال هذه الفترة، كان رائدًا في سياسة الانفراج الدولي مع الاتحاد السوفييتي، ونسق افتتاح العلاقات الأمريكية مع جمهورية الصين الشعبية، وانخرط في ما أصبح يُعرف باسم دبلوماسية الوسيط المتنقل في الشرق الأوسط لإنهاء حرب أكتوبر، والتفاوض على اتفاقيات باريس للسلام، وإنهاء التدخل الأمريكي في حرب فيتنام. ارتبط كيسنجر أيضًا في سياسات مثيرة للجدل مثل تورط الولايات المتحدة عام 1973 في انقلاب تشيلي، وإعطاء «الضوء الأخضر» إلى المجلس العسكري في الأرجنتين لحربهم القذرة، ودعم الولايات المتحدة لباكستان خلال حرب بنغلاديش على الرغم من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها باكستان بحق بنغلادش، بعد تركه الحكومة، أسس شركاء كيسنجر، وهي شركة استشارات جيوسياسية دولية. كتب كيسنجر أكثر من اثني عشر كتابًا في التاريخ الدبلوماسي والعلاقات الدولية.
– لا يزال كيسنجر شخصية مثيرة للجدل والاستقطاب في السياسة الأمريكية، حيث أُدين كل منهما على أنه مجرم حرب مزعوم من قبل العديد من الصحفيين والناشطين السياسيين والمحامين العاملين في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن تبجيله باعتباره وزيرًا للخارجية الأمريكية ذو تأثير فعال من قبل العديد من علماء العلاقات الدولية البارزين. جنبًا إلى جنب مع جورج شولتز، هو واحد من اثنين فقط من أعضاء حكومة نيكسون الذين مازالوا على قيد الحياة.
3 – أن الولايات المتحدة الأمريكية وبناء على تجارب الزعماء الذين حكموها، قد وجدت أن صناعة الحرب حالةٌ ضرورية للحفاظ على مصالحها، إن لم تكن قد أصبحت عقيدة ثابتة في السياسة الأمريكية، ولذلك تسعى جاهدة إلى زيادة قدراتها التسليحية، ورفد العالم بكل ما أنتجته من السلاح بشتى أنواعه المختلفة.
– مما يؤكد صحة افتعال أمريكا للحروب من أجل زيادة مبيعاتها من السلاح، ما نشره موقع “إنترسبت” الإخباري الأمريكي مؤخراً، حول تسجيلات مسربة لمسؤولين في كبريات شركات السلاح الأمريكية، يؤكدون فيها على أن زيادة حدة الحروب في المنطقة العربية، وأن توسع تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، وتعاظم نفوذ “الحوثيين” في اليمن، من شأنه أن يزيد من مبيعات الأسلحة.
– تجدر الإشارة إلى أن عائدات شركة لوكهيد مارتن بلغت عام 2014م حوالي أربعين مليار دولار، لتصبح أكبر شركة لصناعة السلاح في العالم. أما شركة رايثيون فبلغ حجم عائداتها من بيع السلاح 22 مليار دولار لتكون بذلك الرابعة عالمياً، وبالتأكيد فإن هذه الشركات العملاقة لن تكون بعيدة عن صانعي القرار الأمريكي فهم من يملكها ويديرها.
* رغم قوة وعظمة أميركا في العالم ، تبقى عرضة ﻹهتزازات مالية وإقتصادية وكوارث طبيعية.
* آزمات أميركا المالية واﻹقتصادية:
– أزمة عام (1929)،هي الأسوأ خلال القرن العشرين، ويعتقد أنها بدأت عندما انهارت سوق الأسهم الأميركية في عام 1929، ولاحقا تفاقم الأمر بسبب السياسات الاقتصادية الفقيرة للإدارة الأميركية آنذاك.
استمر الكساد عشر سنوات تقريبا، وأسفر عن خسارة هائلة في الدخل ومعدلات بطالة قياسية ونقص في الإنتاج، خاصة في الدول الصناعية.
وفي الولايات المتحدة بلغ معدل البطالة حوالي 25 في المئة في ذروة الأزمة عام 1933.
– الأزمة المالية العالمية 2007-2008 التي انفجرت في سبتمبر 2008، اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929م، ابتدئت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت إلى دول العالم ليشمل الدول الأوروبية والدول الآسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008م إلى 19 بنكاً، كما توقع آنذاك المزيد من الانهيارات الجديدة بين البنوك الأمريكية البالغ عددها 8400 بنكاً.
– وقد اندلعت الأزمة بسبب انهيار ما سميت وقتها بـ”الفقاعة العقارية” في الولايات المتحدة، ما أدى إلى انهيار بنك “ليمان براذرز” الاستثماري في سبتمبر 2008، كما أن العديد من المؤسسات المالية العالمية كانت على شفا الانهيار.
تطلب إنهاء الأزمة عمليات إنقاذ حكومية غير مسبوقة، واستغرق التعافي نحو 10 سنوات، بعدما خسر العالم ملايين الوظائف ومليارات الدولارات.
* آزمات أميركا الطبيعية:
– من المعروف أن جزر الكاريبي وشرق وجنوب الولايات المتحدة من أكثر المناطق في العالم عرضة لخطر الأعاصير، خاصة أن اتجاه الأعاصير في أمريكا الشمالية يكون من الغرب والجنوب إلى الشرق، وقد تكبدت الولايات المتحدة في ست سنوات فقط ( 1989م : 1995م ) خسائر تقدر بأربعين بليون دولار ! كما تكبدت عام 1926م أكثر من 72 بليون دولار في إعصار ضرب ولايتي “آلاباما ” و ” فلوريدا “.
– ولاية فلوريدا مثلًا تعرضت منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى 110 إعصارًا، تأتي بعدها تكساس 59 إعصارًا، ثم ولاية نورث كارولينا من 15 إلى 22 إعصارًا.
– من أكثر الأعاصير فى الكلفة الاقتصادية في تاريخ أمريكا الحديث، إعصار ضرب ولايتي فلوريدا وآلاباما عام 1926م فدمر ما قيمته تزيد على 72 مليار دولار. ثم إعصار ” أندرو ” الذي ضرب فلوريدا ولويزيانا عام 1992م 33مليار دولار. أما إعصار كاترينا الشهير فقد فاقت خسائره المائتي مليار دولار استدانتها الإدارة الأمريكية من بنوك الصين و اليابان.
* تبدل موقف فوكوياما:
– تراجع الكاتب عن فكر المحافظين الجدد، وترجم ذلك في كتابه الجديد “الأنظمة السياسية والانحطاط السياسي” واستخدم فيه مصطلح “الدانمارك” كتعبير مجازي يرمز فيه إلى مسار بناء ديمقراطيات ليبرالية يعم فيها الازدهار و”الحكامة”.
– أوضح فوكوياما في حلقة الثلاثاء (6/1/2015) من برنامج “من واشنطن” أن القوة تعطي بعض الدول إحساسا بالمسؤولية تجاه المجتمع الدولي، وضرب مثلا بالاجتياح الأميركي للعراق عام 2003، وأكد أن ذهاب الأميركان للعراق عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول كان خطأ كبيرا.
– ورأى الكاتب أن الغالبية العظمى من مهام الحكومة تعتبر روتينية مثل إصلاح الطرق والرعاية الصحية، وتوفير الخدمات المختلفة، وأوضح أن اتخاذ قرارات سياسية بعيدة النظر يعتبر الاختبار الحاسم للحكومات الناجحة، وأكد أن الحكومة الأميركية سقطت في هذا الامتحان، إضافة إلى عجزها عن معالجة ملف الهجرة، والسيطرة على السلاح وتنظيم امتلاكه.
– أشار فوكوياما إلى أن الوضع السياسي الحالي بأميركا يمكن أن يطلق عليه مصطلح “الدانمارك”. ولكنه أكد أن أميركا تعود للوراء نحو القرن الـ19، حينما كان الفساد مستشريا بالبلاد، وتم استبدال ذلك في الوقت الحالي بالطريقة الراهنة والتي بها يتم توفير المساهمات المالية بين الفاسدين لتمويل الحملات الانتخابية، حيث تحاول النخب دوما الحصول على امتيازات باستغلال النظام السياسي.
– وأكد أن السياسة الخارجية لأميركا تعتبر مربكة جدا للأميركيين وأربكت ميزانيتهم، وبعد حربين مكلفتين لم تحققا أهدافهما (برؤية الأميركان). ورأى أن انسحاب أميركا من التدخل في شؤون العالم لن يجعل الأوضاع أفضل لأن بعض الدول تعتمد في أمنها بشكل أساسي على القوات الأميركية.
وعبر عن قناعته الكاملة باستحالة ديمومة نظام سياسي إلى الأبد، ولكنه أوضح أن أميركا لا يمكن أن تتعرض لانهيار سياسي في الـ25 عاما المقبلة، لأنها تتمتع باقتصاد قوي يحقق نوعا من التماسك السياسي.
– وبالنظر إلى دور الإدارات الأميركية المتعاقبة بالشرق الأوسط، أكد الكاتب أن أميركا كانت تشجع الديمقراطية بالمنطقة، وأوضح أن أميركا استخدمت تبرير الديمقراطية لغزو العراق، وكانت تتوهم أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل.
– وردا على سؤال بشأن موقع الخلل بين ما يعيشه الأميركان بالداخل وما تريد الحكومة تحقيقه بالخارج، قال إن الشعب الأميركي يريد توفير الغاز والأمان، ولا تجد الحكومة بأسا من التعامل مع “حكومات فاسدة”.
* موقف هنري كيسنجر في ظل أزمة كورونا:
رأى وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في مقال له بصحيفة وول ستريت جورنال، أن جائحة كورونا ستغيّر النظام العالمي للأبد.
– أوضح كيسنجر أن الأضرار التي ألحقها تفشي فيروس كورونا المستجد بالصحة قد تكون مؤقتة، إلا أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أطلقها قد تستمر لأجيال عديدة.
– قال إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم الآن بسبب الوباء الفتاك، أعادت إلى ذهنه المشاعر التي انتابته عندما كان جنديا في فرقة المشاة خلال مشاركته في الحرب العالمية الثانية أواخر عام 1944، حيث يسود الآن الشعور نفسه بالخطر الوشيك الذي لا يستهدف أي شخص بعينه، وإنما يستهدف الكل بشكل عشوائي ومدمر.
– رغم أوجه الشبه بين تلك الحقبة البعيدة وما نعيشه اليوم، يقول كيسنجر، فإن هناك فرقا مهما يتمثل في كون قدرة الأميركيين على التحمل في ذلك الوقت عززها السعي لتحقيق غاية وطنية عظمى، بينما تحتاج الولايات المتحدة في ظل الانقسام السياسي الذي تعيشه اليوم إلى حكومة تتحلى بالكفاءة وبعد النظر للتغلب على العقبات غير المسبوقة من حيث الحجم والنطاق العالمي المترتبة على تفشي الوباء.
– الاستعداد لما بعد كورونا:
أشار كيسنجر في مجلة وول ستريت ، إلى أن قادة العالم يتعاطون مع الأزمة الناجمة عن الوباء على أساس وطني بحت، إلا أن تداعيات التفكك الاجتماعي المترتب على تفشي الفيروس لا تعترف بالحدود.
– قال إن الجهود المبذولة لمواجهة تفشي الوباء، رغم ضخامتها وإلحاحها، ينبغي أن لا تشغل قادة العالم عن مهمة أخرى ملحة تتمثل في إطلاق مشروع موازٍ للانتقال إلى نظام ما بعد كورونا.
– أكد كيسنجر أنه لا يمكن لأي دولة، حتى وإن كانت الولايات المتحدة، أن تتغلب على الفيروس بجهد وطني محض، وأن التعاطي مع الضرورات المستجدة الآن ينبغي أن يصاحبه وضع رؤية وبرنامج لتعاون دولي لمواجهة الأزمة، مضيفا أن الإخفاق في العمل على المحورين في آن واحد قد تترتب عليه نتائج سيئة.
– الفشل قد يشعل العالم:
وحث كيسنجر الإدارة الأميركية على التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية لمواجهة تداعيات الوباء محليا وعالميا، أولها تعزيز قدرة العالم على مقاومة الأمراض المعدية، وذلك من خلال تطوير البحث العلمي.
– أما المجال الثاني فهو السعي الحثيث لمعالجة الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي جراء تفشي الوباء والتي لم يسبق أن شهدت البشرية مثيلا لها من حيث السرعة وسعة النطاق، كما حث الإدارة الأميركية على حماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي بصفتها المجال الثالث الذي ينبغي التركيز عليه.
– ختم كيسنجر بالقول إن التحدي التاريخي الذي يواجه قادة العالم في الوقت الراهن هو إدارة الأزمة وبناء المستقبل في آن واحد، وإن الفشل في هذا التحدي قد يؤدي إلى إشعال العالم.
* خﻻصة:
– كل يوم تضج الصحف واﻷخبار والمواقع اﻹلكترونية على شتى انواعها، عما يحصل في اميركا ، من سوء في إدارة اﻷزمة ، والعجز التي وصلت إليه في مواجهة الوباء، في ظل غياب تام لخطة إستراتيجية معدة مسبقا ، لمواجهة اﻵزمات التي قد تتعرض إليها البﻻد،
لقد دق ناقوس الخطر ،إن ما قبل كورونا ليس كما بعده، يترافق مع اضطرابات سياسية واقتصادية ،قد تستمر لسنوات طويلة بسبب الوباء، مما يؤدي الى تفكك المجتمع على مستوى العالم.
– مما ﻻ شك فيه، لم يعد هناك ثقة للمجتمع بدولته، بسبب فشل سياسات جرى اﻹعتماد عليها في معالجة اﻷزمة.
إن ما آلت اليه اﻷمور، من إرتباك كبير، قد أحدث ضجة كبيرة لدى المعنيين والمراقبين من راس الهرم حتى أخمص القدمين، مما أدى الى رفع منسوب الخطر وآثاره المميتة ، مع تفاقم اﻹصابات بشكل كبير جدا”، وارتفاع وتيرة الوفيات بشكل ملحوظ، وأيضا” بسبب نقص فاضح للمستلزمات الطبية ، وعدم إتخاذ اﻹجراءات الفورية، والتهاون والتقصير، واﻹستهتار بحجم خطورة الوضع.
أدى ذلك إلى ما وصلت إليه اﻷمور من مشاكل جمة على صعيد معظم وﻻيات أميركا ، وبدى من الصعب تدارك المخاطر والخروج من اﻷزمة بشكل يسير. ﻻ بد ستكون التكلفة والثمن باهظان جدا”على كل الصعد الصحية والنفسية،واﻹجتماعية ، واﻹقتصادية والمالية…
ها هي أميركا اليوم ، تقرع طبول الحرب الكبرى في تاريخها أمام عدو قل نظيره من حيث الشكل والمضمون عجزت أمامه كل جبروتها وقوتها وأسلحتها النووية والتكنولوجية وغيرها…
إن استراتيجية اميركا اليوم في ظل كورونا، إقتصرت على ورق مرحاض ، وماسك وجه ، ومعقم كفين، جهاز تنفس ولقاح من هنا وهناك ،ترشي العالم وتستجديه بصفقات مشبوهة على حساب اﻵخرين…
إنه زمن المتغييرات والتحوﻻت ، وسقوط اﻷقنعة الملوثة، وبداية نهاية العولمة المفبركة…
إن قوة أميركا اليوم، فيل من ريش أو قلعة من رمال…
بعد كورونا.أضحت نعجة مستنسخة وأرنب في جعبة مهرج…
نعم ! إن أميركا اليوم تعيش ديمقراطية الخيال و الحقيقة المرة…
إنه زمن كورونا…
إنه زمن الفاعل المستتر في المفعول به…
هيهات من كورونا! فعل من لم يجرؤ عليه أحد…
قضى حكمه، وجرت قدرته ، في نهاية حكم اﻷزعر …
أليس القادر أن يخلق ما يشاء كمثل بعوضة، على أن يخلق فيروس (ويضع سره في أضعف خلقه) فإذا قال للشيء كن فيكون…
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/34cqkNZ
via IFTTT

0 comments: