Sunday, April 19, 2020

“ليبانون ديبايت”- جورج طوق

بالرغم من التبدّل اليومي للبيانات حول مرض الكورونا، يقال إنّ المنتصر عليه يكتسب مناعة مدى الحياة في وجه أية محاولة غزو أخرى للفيروس. والخارج من سقمه، هو أكثر من يعرف مشقّة وعبثية العودة إلى جحيم معاناته. بعد ١٧ تشرين، أفرزت أجساد الثوّار، بعد شفائهم من وباء سلطة الحرب الأهلية والطائفية والارتهان والفساد، أجساماً مضادّة للسلطة “antibodies”، أسوةً بالمنتصرين على المرض.

تشبه عودة اللبنانيين إلى اصطفاف معسكرات الرابع عشر من آذار والثامن منه، انتكاسة الناجي من الهجوم “الكوروني”. والحديث عن معارضة عتيدة يقودها الاشتراكيون والمستقبليون والقواتيون في وجه المسميّات المتعدّدة لسلطة حزب الله مثل الممانعة والعهد القوي وغيرها، يشبه بما لا يقبل الشكّ عودة المتماثل للشفاء إلى مستنقع المرض. لن يراهن اللبنانيون مجدّداً على عقم تناهش المعارضة والسلطة سويّاً لجداول المحاصصة الطائفية والحزبية فوق جثث كرامات المواطنين. منذ انتشال حزب الله لدفّة السلطة من أيدي ١٤ آذار، لم يحصل أيّ تغيير يُذكر في النمط السلطوي في لبنان إلّا بهوية الجهات الناهبة. مرّت الموازنة دون قطع الحساب، واستمرّت شركة الكهرباء بعجزها الإنتاجي والمالي، والسياسة المالية بحقدها على الفقراء، والمصارف باحتقارها لصغار المودعين، والنفايات والمعامل والكسّارات بغزوها للبيئة. كما بقي نادي المتعهدين المدلّلين على دلاله، وما زال المواطنون محرومين من شواطئهم وحقوقهم وعيشهم الكريم. بكل بساطة، يمكن اختصار المرحلة بعبارة واحدة: مات الملك، عاش الملك.

ليست ثورة ١٧ تشرين معنيّة بالحماسة المفاجئة لبعض أحزاب السلطة بمعارضة أحزاب أخرى فيها. لم يقفز الثوّار فوق وباء الحواجز الطائفية والمناطقية والزبائنية والجندرية والتزمُّت والارتهان والفساد ليعودوا ويغرقوا فيه عند أول خديعة بالمعارضة من مغتصبي مقدّرات البلاد. فالعاقل، لا يعود به الزمن إلى الوراء، وعقارب “الطاعة” أيضاً، لا تعود إلى الوراء.

بعد ١٧ تشرين، انحصر الصراع وبكلّ وضوح بين معسكرين إثنين لا ثالث لهما: الثورة والسلطة. شـــــتّان، ما بين المعارضة الحزبية والطائفية والتحاصصية وبين الثورة.



from وكالة نيوز https://ift.tt/3exJKBL
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل