Sunday, April 5, 2020

دياب – الحريري… “إنفجار” الخط الساخن

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

تقريبًا، انجلت غبار المعركة الحكومية الأخيرة. الآن، بات يُمكن إحصاء النتائج التي ترتبت عنها وأصبح بالإمكان معرفة هوية الضالعين فيها. أما “الهمّ” الشاغل فيَكمن في البحثِ عن “المستترين” الذين تخفوا خلف خطوطِ الهجوم والدفاع على حدّ سواءٍ. وهؤلاء يبدو وكأنّ يدهم كانت طويلة لناحية ما حصل، ولذا سنتحسّب أنهم على رأسِ قائمةِ المستفيدين!

قبل ذلك وتحديدًا حينما كانت تدور فصول مباراة التعيينات على “المستطيل الحكومي”، في مرحلةٍ كادت فيها الأمور أن تتطوَّرَ نحو إخراج المباراة عن مسارها، بدا رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري لاعبًا هامشيًا يتخفّى خلف الخطوطِ. هذا ما تفرضه حكمًا الاحداث، لكنه وفي لحظةِ هجومٍ، دخلَ المضمار وارتدَّ متسلّلًا من خلفِ خطوطِ الحكومة ليشنّ هجمة خارجة عن منطق اللعب النظيف، كان يريد منها تسجيل هدفٍ في مرمى رئيس الحكومة حسان دياب.
قبل هذه المباراة، حضرَ ملف التعيينات المالية، عنصرًا أساسيًا قابلًا للكباشِ. الحريري مثله مثل غيره من رجالاتِ “الطائف” لديه أولويات ضمن هذا الملف وخيارات لا بد من حفظها لشخصهِ، وأبرزها موقع نائب حاكم مصرف لبنان.

طبعًا، ما أراده الحريري بالضبطِ كان يتمحور حول فرضِ عناصر محدّدة في الإدارة على رئيس الحكومة حسان دياب خلافًا لمعايير الحكم والنظم المتبعة في أي مكان والتي تخوّل رئيس الحكومة اختيار فريق عمله “وحده لا شريك له”. وبخلافِ ذلك، ما أراده الحريري كان فرض فريق العمل الذي يختاره هو على رئيس الحكومة… وإلّا!

المشكلة وقعت في قلّةِ حيلةِ الحريري الفاقد للتمثيل المباشر في الحكومة، ما حالَ دون فرضِ رأيهِ. بالتزامن، كشفت أمامه لعبة من نوعٍ آخر خاضَ بها قسمٌ ممن يفترض أنهم شركاء داخل الحكومة، هؤلاء تعاملوا مع دياب من منطق الابتزاز السياسي ومحاولة فرضِ المشيئة. نقطة القوة التي حفظها هؤلاء كانت في تمثيلهم المباشر. الحريري في المقابل، عثر من جراء نتيجة التقاطعات على “حلفاءٍ وازنين” لكنه افتقد إلى ميزتهم إلى أن أبلغه “أحدهم” بصلاحية استخدام ورقةِ مجلس النواب وتحويلها إلى “فيتو ميثاقي” يعيد ربط خيول الآخرين.

على هذا الأساس، كان الحريري يُراهن على فرض مشيئته على حسان دياب في ملف التعيينات المالية بحجة “حفظ حقوق الطائفة” ملوحًا بسلاح الميثاقية. هنا، الحريري يعتبر نفسه عبر كتلته يحوز على “فيتو مذهبي” لذا بإمكانه متى أراد ضرب التوافق على أي ملف يعني طائفته أو فرض شروطٍ إلى حد ما تُراعي ما يقول تيار المستقبل أنها “حقوق الطائفة” وللحقيقة هي أقربٌ إلى تأمين مصالح الدولة العميقة ذات الميول السُنيّة من أي شيء آخر.

قبل مدةٍ من ذلك، افتُتِحَت قناة اتصال “ذات وجهٍ سني” بين دياب والحريري في مستهل دخول الأول إلى السراي الكبير، وكانت أقرب إلى “خطٍّ ساخنٍ”، أوكلت مهام إدارتها إلى مطلقها الأساسي وهو أحد الأصدقاء المشتركين للرئيسَيْن. كانت الغاية اعتماد القناة لتبادل الرسائل أو الرجوع إليها في حالة حدوث أي اختلافٍ في الرأي. يُقال أنها كانت جديرة بالاعتماد في الأيام الاولى لدياب داخل السراي.

من خلالها، أبلغ الحريري رسائله (مطالبه) إلى دياب. في الخط العريض يُمكن القول إنها كانت عبارة عن طلبٍ بتقاسم حصة التعيينات السُنيّة بشقها المالي، وعلى الأرجح، كانت المطالب تفوق ما لدياب الحق به، وكان واضحًا أنها تضمر غاية في إبعاد رئيس الحكومة الحالي عن فرض رأي جديد مختلف في موضوع التعيينات التي تخص مواقع السُنّة في الإدارة ومنها نائب حاكم مصرف لبنان وترك الوضع على ما هو عليه، أي وبمعنى أوضح ترك المنصب إلى محمد بعاصيري.

فيما لو حصل ذلك، كان يُمكن التسليم بحضور دياب على أنه وجه معين لا رئيس حكومة أصيل. رئيس الحكومة أستدركَ ذلك، ووجد أن ثمة من يريد توريطه بخياراتٍ قد تذهب عنه استقلاليته أو توفر مصالح غيره على حسابه أو تظهره طرفاً يُضمر عكسَ ما يُعلن، وفيما لو رفض تقليب “الرأي الطائفي” جاهز. نموذجٌ أشبهٌ بـ”لغمٍ” متعدد الصواعق وله قدرة على الإيذاء بأشكالٍ متعددةٍ.

كان خيار دياب واضحًا. الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، لذا وقع خياره في المواجهة على تقمّصِ اللعبة التي يمارسها الغير ضده، أي اللعب على حافة الهاوية. رفضَ ما يريد بعض الشركاء فرضه عليه وأبلغهم بذلك من دون الاشارة إليهم بموقفٍ عالي السقف أعلنه على طاولة مجلس الوزراء. حملة الحريري تكفل بالرد عليها بتجاهله الرجوع إلى “قناة الاتصال” التقليدية، لكن الاستياء بلغه الحريري عبر “وكيل الخط” ذلك أنه أبلغ إلى الرئيسَيْن السابق والحالي أنه في حلّ من تولي أي مهمة مقبلة ما يعني ضمنيًا تفجير “القناة”.

رُدَّ ذلك طبعاً إلى تصرفات الحريري الأخيرة التي أظهرته عضواً في نادٍ لا يُريد إلا تكريس النهج السابق في الإدارة تحت ذرائع مُتعدّدة، يعلم دياب أنه بمثابة إنتحار سياسي له فيما لو مضى في السير بها.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2UORK9X
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل