Monday, April 6, 2020

نبيه البرجي

    للفيلسوف الفرنسي أندريه مالرو , صاحب “الوضع الانساني” , هذا القول حين كان وزيراً للثقافة في عهد شارل ديغول : “الآن , حان وقت الانتقال من رقصة الفالس مع التاريخ الى رقصة الفالس مع الزمن” !

    كم أثار آرنولد توينبي , فيلسوف التاريخ البريطاني , ذعرنا بقوله “أخشى أن يتحول التاريخ لدى بعض الأمم الى مقبرة من دون جدران . هذا يتيح للموتى أن يستوطنوا لاوعي الأحياء . هي , بالضبط , حال العرب . قبيلة ضد قبيلة , طائفة ضد طائفة , خيمة ضد خيمة , زقاق ضد … زقاق .

   اذا كان صمويل هانتنغتون قد أطلق نظرية “صدام الحضارات” (الحضارة اليهومسيحية ضد الحضارة الكونفواسلامية) , عندنا صدام الكراهيات , وصدام الجاهليات . ألا يمكن لتلك الكوارث التي بعثرتنا , أكثر فأكثر , أن تغسل أدمغتنا من عفن القرون الغابرة ؟

    الآن أسوأ أحوالنا . الأمبرطوريات الكبرى تأكل ما تبقى من ثرواتنا بالشوكة والسكين (وعلى ظهورنا) . الأمبرطوريات الصغرى ما زالت تجتر تلك اللوثة , بالأحرى تلك الهيستيريا , الجيوسياسية لاستعادة ماض مات تحت الركام .

    فايروس كورونا أظهر أننا خارج ايقاع القرن . لا مراكز أبحاث , ولا مختبرات , ولا علماء . أما كان ينبغي رصد جزء من العائدات الاسطورية للنفط للأبحاث , وللصناعات , كما هي حال كوريا الجنوبية , وماليزيا , وحتى تايلند ؟ هناك نمور آسيا . هنا … قطط أسيا !!

    أرقام روتردام أصابت العرب بالهذيان . الكل يعلم كيف يعبث المايسترو الأميركي بالأسعار . هذا منذ ايام هنري كيسنجر حين كان يتواطأ مع الشاه محمد رضا بهلوي لتمويل تمرد الأكراد ضد السلطة المركزية في بغداد , وصولاً الى اتفاق شط العرب (1975 ) الذي يفتقد كل أثر للتوازن القانوني والجيوستراتيجي .

    خسائر العرب بالمليارات , وفي هذه الظروف الحالكة . كل الخطط , وكل الرؤى , تدحرجت , مع البراميل , الى القاع . حتى اللحظة , وبالرغم من مصائبنا , لا تزال الحروب (ومعها صفقات السلاح مع الولايات المتحدة) على قدم وساق . متى نستيقظ ؟

   اتصال الشيخ محمد بن زايد بالرئيس بشار الأسد ينطوي على دلالات بعيدة المدى . من لا يعلم أن “عودة الروح” الى العرب تبدأ من دمشق ؟ هذه حقيقة تاريخية , وقومية . آن الأوان لاعادة النظر في كل السياسات , وفي كل الاستراتيجيات , التي جعلت العرب على أبواب … حائط المبكى .

     صفقة القرن تلاشت . على ماذا الرهان ؟ رأينا القيم التوراتية في التعاطي مع العمال الفلسطينيين . هي ذروة الهمجية . العامل المصاب , أو المشتبه باصابته , ينقل من اسرائيل , ويلقى , كما كيس القمامة , على قارعة الطريق في الضفة . لا أحد يرف له جفن …

     في هذا الوقت بالذات  , وحيث “كوفيد ـ 19 ” ينتقل , في اسرائيل , كما الدومينو , من مدينة الى مدينة , ومن قرية الى قرية , تنفذ غارات , عبر الأجواء اللبنانية , على سوريا . ما الغاية من ذلك سوى ابقاء المنطقة على فوهة البركان ؟

   الاستخبارات الاسرائيلية تدرك جيداً أن القوة الصاروخية لـ”حزب الله” باتت فوق التصور (بكل تأكيد فوق التصور) , وألاّ مجال لاعادة عقارب الساعة الى الوراء في سوريا . الدوائر الأطلسية تتحدث عن أن الترسانة الصاروخية الايرانية بلغت من الفاعلية (كمّاً ونوعاً) حد اثارة مخاوف حقيقية داخل البنتاغون الذي ينتظر , في أي لحظة , ظهور القنبلة بين يدي آيات الله .

    الأوروبيون شعروا , أثناء محنتهم الكبرى , أن فلاديمير بوتين أكثر صدقية , بما لا يقاس , من دونالد ترامب . لماذا التبعية العربية العمياء للبيت الأبيض , بدل اقامة التوازن في العلاقات مع الكبار ؟

   العالم أمام تحولات مثيرة . روسيا والصين تساعدان أميركا . دونالد ترامب أكثر تجهماً , وأكثر اهتزازاً . هل تتحول قطط آسيا الى نمور آسيا ؟ خلل في الخارطة الجينية للعرب …



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2X18ex4
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل