Friday, July 12, 2019

عندما تتصارع الفيلة أو تتحاب… الفوضى واحدة!

يُقال أن الفيلة عندما تتصارع تخّلف وراءها فوضى ما بعدها فوضى. وكذلك الأمر عندما تتحاب.

هذا القول ينطبق حرفيًا على ما يجري على الساحة الإقليمية، حيث تتشابك مصالح الدول الكبرى، ومعها الدول الإقليمية ذات التأثير الفاعل والمباشر في الصراع القائم بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإيرانية، والذي يأخذ أبعادًا ثلاثية، بدءًا بالحرب القائمة في اليمن، مرورًا بالعراق ووصولًا إلى سوريا ومتفرعاتها، وذلك على خلفية تثبيت الوجود، سواء بالنسبة إلى واشنطن التي تحاول قطع الطريق على تمدّد النفوذ الروسي في المنطقة، وكذلك بالنسبة إلى طهران التي دخلت مرحلة التحدّي المباشر معها، من خلال المضيّ في سياسة تخصيب اليورانيوم كردّ حاد على العقوبات الإقتصادية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الجمهورية الإسلامية كجزء من سياسة الضغط التي تمارسها للتضييق عليها، وهي أستتبعتها بعقوبات طاولت قياديين في “حزب الله”، الذي تعتبره جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الإيرانية في المنطقة، وهو الذي أثبت فاعليته في الحرب السورية، ويقف في وجه الأطماع الإسرائلية.

وفي إعتقاد عدد من المراقبين الغربيين أن إستمرار طهران في سياسة التخصيب سيزيد من مخاطر دفع المنطقة إلى حرب لا هوادة فيها، مع ما يعنيه ذلك من تهديد مباشر للسلام العالمي ولحال “الستاتيكو” القائمة حاليًا، وهي مرحلة “اللاسلم والاحرب”، أو ما يُعرف بالحرب الباردة القائمة على سياسة “عض الأصابع”، خصوصًا أن إيران المتأثرة إقتصاديًا بالعقوبات المفروضة عليها لن تستسلم بسهولة، وهي تتحين الفرص لردّ الصاع صاعين، وذلك نظرًا إلى ما تملكه من أوراق مخفيّة لم تستخدمها بعد لإخراج نفسها من “الشرنقة الأميركية”.

وفي رأي هؤلاء المراقبين أن طهران، التي تدعم الحوثيين في اليمن وتمدّ “حزب الله” في لبنان بكل الإمكانات المتاحة، قادرة على اللعب مع الأميركيين على حافة الهاوية، الأمر الذي يصبح فيها أمن المنطقة مهدّدًا في الشكل الذي يربك الجانب الأميركي، الذي لا يزال يتجنّب أي مواجهة مباشرة، وهذا ما يجعل الإيرانيين يتمادون في ممارسة سياسة التحدّي والتهديد بما لهم قدرة على السيطرة النارية على مضيق هرمز، الذي يعدّ الشريان الحيوي لحركة النفط، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر جرّ الطرف الآخر إلى حرب غير محسومة النتائج.

وعلى وقع قرع طبول الحرب تسير الدبلوماسية الغربية بحذر في حقل مزروع بالألغام القابلة للإنفجار عند أول خطوة ناقصة قد يقوم بها أي طرف من هنا أو من هناك، على رغم إقتناع البعض بأن إمكانية إيجاد تسوية ما لا تزال متاحة، وهذا ما تحاول الدول الأوروبية القيام به، لأنها ستكون من بين الدول الأكثر تأثرًّا بالحرب متى أندلعت.

فما بين الحرب واللاحرب، وبين السلم واللاسلم، يقف العالم منتظرًا، وكأن على رأسه الطير، مع ما يستلزم ذلك إتخاذ جانب الحذر في أي خطوة غير محسوبة النتائج، خوفًا من الفوضى التي سيخلفها صراع الفيلة.

المصدر: لبنان 24
اندريه قصاص



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2SdCMae
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل