Friday, December 20, 2019

فريق عمل حسان دياب من دون سياسيين

“ليبانون ديبايت” – ملاك عقيل

للمرة الاولى في مسار تأليف الحكومات بعد اتفاق الطائف ستكون الأحزاب الكبرى بعديدها ورموزها وحصصها الانتفاعية خارج الحكومة… هذا إن تمكّن رئيس الحكومة المكلف حسان دياب من تجاوز حقل ألغام التأليف مع شرطٍ إلزاميٍّ فُرِضَ على الجميع بصدور مراسيم الحكومة الجديدة بأسرعِ وقتٍ ممكن.

وزير التربية السابق لن يكون غريبًا تمامًا عن المهمة المكلّف بها مع مفاوضٍ جديدٍ اسمه الشارع هو الاصعبُ مقارنة بالمفاوضين الاخرين.

حيث أنّه وفق المعلومات، وحتى في المرحلة التي كان إسم سمير الخطيب يأخذ مداه في الاروقة كاحتمال اعتماده بديلًا عن الرئيس سعد الحريري المستقيل كانت خطوط التشاور مع دياب مفتوحة من جانب بعض القوى من بينها رئيس مجلس النواب نبيه بري بسبب تسليم جهات معنية بشكلٍ مباشر بطبخة التكليف بأنّ سمير الخطيب “مش راكب” على رغم طرح اسمه من قبل الحريري.

ويقول مطلعون، أنّ منزل دياب شَهِدَ اجتماعات تنسيقية عدّة تجاوزت “العصف الفكري” في قراءة وتحليل تطورات الارض والمسار السياسي للاحداث الى محاولة رسم خارطة طريق لفريق عمل أي رئيس حكومة قد يخلف الحريري وأولويات المرحلة.

ويجزم هؤلاء، بأنّ دياب وتحسّبًا لاحتمال المباغتة وهو ما رافق أصلًا تسميته من “سَلقٍ” سريعٍ للتكليف شكّل نقطة سلبية في رصيده حيث بدا كمن ينفّذ إنزالًا من خارج الاسماء المتداولة في بورصة التكليف، فإنّ الاكاديمي كان قطع شوطًا في قراءة المشهد بين الداخل والخارج والنقاش مع مجموعة من المساعدين والمقرّبين في العيّنة المطلوبة من الوزراء ضمن فريق عمل مصغّر لمواجهة متطلبات المرحلة فيما لو رسا الخيار عليه.

ولاحقًا مع عودة الحريري عن قراره ومباشرة فتح قنوات التواصل مجددًا بما يسمح بتكليفه لقيادة ثالث حكومات العهد جُمِّدَ “مشروع دياب” قبل أن يعودَ اسمه الى التداول قبل ساعاتٍ قليلةٍ من موعد الاستشارات بعدما سبق ذلك لقاءات جمعته برئيس الجمهورية ميشال عون والحريري ورئيس مجلس النواب. ولعلّ البيان المعدّ سلفًا الذي تلاه دياب من قصر بعبدا يشي بمرحلة التحضير الهادئ لهذه الكلمة المدروسة جيدًا خصوصًا لناحية محاكاتها للشارع الغاضب.

وترافق ذلك، مع ضوءٍ اخضر من جانب رئيس حكومة تصريف الاعمال “المنكوب” بالفيتو القواتي عليه وباللامبالاة الدولية حيال انضمامه الى نادي رؤساء الحكومات السابقين، بأنّ دياب لا يصنّف مرشح مواجهة في مقياس بيت الوسط وأنّ “اقسى” ما يمكن أن يذهب اليه الحريري هو عدم تسمية مرشح آخر في مواجهته تحديدًا السفير نواف سلام.

ذلك كلّه، لا يلغي استنتاج قريبين من الحريري، بأنّ الاخير تعرّض لمؤامرة حقيقية انتهت بما يشبه الطرد من السرايا “وحتى لو تجاوز عامل الميثاقية فإن مطبات التأليف كانت ستدفعه الى الاعتذار عن التأليف بسبب الشروط التي حاصرته”.

ولعل أفضل ما منحه الحريري من تطمينات للفريق الآخر عدم استخدامه لورقة الميثاقية كما حصل مع حكومة ميقاتي عام 2011. لا المارد السني خرج من القمقم ولا تيار المستقبل دعا الى “يوم الغضب” في طرابلس والطريق الجديدة ولا الشغب تمدّد الى فوضى عارمة ومواجهة قاسية مع الجيش كما حصل قبل ثماني سنوات، مع العلم، أنّ تكليف دياب تجاوز بصوتٍ واحدٍ فقط تكليف ميقاتي آنذاك بـ 68 صوتًا.

في المقابل، تصنّف مصادر في قوى الثامن من آذار ما حصل في الشارع السني بعد تكليف دياب، بأنه “طبيعي ومتوقع ومضبوط”، فيما يجزم قريبون من الحريري، أنه لم يوعز لأي من مناصريه بالتحرّك على الارض وهو الامر الذي انعكس من خلال النداء الذي وجهه اليهم بمغادرة الشارع بأسلوبٍ عفويٍّ وصادقٍ يتجاوز النداءات التقليدية.

وتفيد معلومات موثوقة في هذا السياق، أنّ الحريري طلب من الاجهزة الامنية ضبط الارض بأي طريقة، وحين وصلته أصداء عن تظاهرة دعم له رافضة لتكليف دياب تريد الاقتراب من بيت الوسط لايصال صوتها رفض الامر بشكلٍ حاسمٍ.

وفي مقابل الموقف المُعلَن من الحريري بأنه لن يشارك في الحكومة المقبلة، فإنّ مطلعين يجزمون بأنّ تيار المستقبل لن يتمثل حكمًا، لكن أول مطالب الرئيس المكلف، ومن خلفه حركة أمل وحزب الله، أن لا يكون الحريري خارج المداولات الحكومية بحيت يتمّ استمزاج رأيه في بعض الاسماء التكنوقراط والاختصاصيين.

فيما تشدّد أوساط دياب، على رغبته فتح قنواتِ حوارٍ مع الجميع خصوصًا المقاطعين منهم أي حزب القوات اللبنانية والنائب السابق وليد جنبلاط في سبيل تكوين فريق عمل يتماهى مع متطلبات المرحلة، ويمهّد لأن تنال الحكومة الثقة المطلوبة في مجلس النواب.

وبالتأكيد، فإنّ القطبة الاساسية في حكومة دياب تتمثل في تجنّب الفريق السياسي الداعم له وصمَها بحكومة اللون الواحد بحيث يسعى الرئيس المكلّف على ما يبدو الى الاتيان بفريق عمل لا يضمّ أيًّا من الوجوه السياسية حتى تلك التي توصف بالاعتدال، ما يعرِّض الكوتا الحزبية للتطيير لصالح وزراء مستقلين أو تكنوقراط، ويبقي القرار السياسي الفعلي خارج الحكومة أي لدى الرئاسات الثلاث والقوى السياسية الاساسية.

لكن معضلة الوزارات السيادية تفرض نفسها خصوصًا حقيبتيّ الداخلية والمالية ومدى الأخذ برأي الحريري في بقاء الاولى بيد السنة خصوصًا أنّ باسيل “ينيشن” عليها منذ الحكومة الاولى للعهد، والثانية بحكم اعتبارها من المكتسبات الشيعية في السلطة وتحديدًا تلك العائدة لحركة أمل.

ويبرز في هذا الاطار، موقف الوزير جبران باسيل بعدم مشاركة التيار الوطني الحر في الحكومة لأن المطلوب حكومة من دون سياسيين كما قال بعكس الموقف المعلَن لكل من رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي، والسؤال المطروح هو الى أي مدى يمكن لحزب الله وحركة أمل أن يذهبا في منحِ الحكومة طابعها “التقني” من دون تمثيلٍ حزبيٍّ ولو “لايت”؟ ومن سيكون المفاوض لاختيار وزراء “الحَراكِ” في ظل موقف اميركي واضح عبَّرَ عنه الموفد الاميركي ديفيد هيل بالتركيز على ما ستقدّمه الحكومة من اصلاحاتٍ جديةٍ كشرطٍ إلزامي لتدفق المساعدات الدولية؟، فيما كان لافتًا جدًا إشارة هيل، الى أنّه ليس للولايات المتحدة أيّ دور أو قرار سواء في شأن رئيس الحكومة أو أعضائها ككلّ.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2Q5ptIt
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل